منتدى هوازن - ليتك لي !!!

ليتك لي

كعادة المصلين وقف بجانبي رجل كبير السن ، وألقى عصاه أمامنا كيفما اتفق ، فقمت بتعديلها ، وبعد أن فرغ من أداء سنة الفجر مد يده إلى صندوق المصاحف وأخذ مصحفا ، وأمسكه على ركبته ، وبعد تلاوته لشيء من التسبيح والتهليل والاستغفار أخذ يفتش في جيوبه عن شيء ما يبدو هاما فلم يعثر على ضالته فاسترجع وحسبل وحوقل .. وبعدها أعاد المصحف إلى مكانه ووضع رأسه بين كفيه ..

حاولت اختلاس النظر إلى وجهه فإذا به حزين أليم .. فقلت له : ما بك يا عم ؟ .. ولماذا أعدت المصحف إلى مكانه ؟ ، فالتفت إلي وقال : نسيت النظارة في البيت ، فقلت لا عليك يا عمي فأجرك قد وصل وكتب في ميزان حسناتك بإذن الله .. ولكن هل ترغب في أن أقرأ لك شيئا من القرآن ؟ ، فالتفت إلي في دهشة وأومأ بالموافقة ، فتناولت المصحف الذي أعاده وسألته هل تود أن أقرأ سورة معينة ، فقال اقرأ من بداية سورة ( الرحمن ) ، فقرأت إلى قوله تعالى : { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } فنظر إلي وقد اغرورقت عيناه بالدموع ، وقال حسبك ، وبعد أن دعا لي وأثنى علي كثيرا قال : ( ليتك لي !!! ) ، فنظرت إليه باستغراب ، فاستدرك الأمر وقال : أعني ليتك ولدي ، فقلت : لا فرق بين المعنيين ، فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقول : ( أنت ومالك لأبيك ) .. ثم قطع حديثنا نداء الإقامة .. فصلينا الفجر ومن ثم افترقنا ، ولم أجده بعد ذلك .

ومن حينها وأنا أرتل القرآن الكريم على مسامع والدي ووالدتي ، وأقرأ لهما بعض المسائل الفقهية والكتب النافعة فأجد في هذا سعادة منقطعة النظير .

بقلمي